هذه المدونة مخصصة لمناقشة مشروع الترجمة الجامعية، المفصل في هذا الموضوع:

مشروع الترجمة الجامعية: فكرة عبقرية لردم الفجوة الحضارية

ومناقشة كل إيجابياته وسلبياته، ونشر الاقتراحات الجديدة والتعديلات المستحدثة عليه، ومتابعة آخر تطورات المشروع وردود الفعل حوله.. لهذا أرجو منكم التفاعل والمشاركة بحماس في نشر هذا المشروع والسعي إلى تحويله إلى حقيقة.. ويسعدني تلقي اقتراحاتكم على البريد: msvbnet@hotmail.com.. ولا تنسوا المشاركة في استطلاع الرأي الموجود أعلى الصفحة الرئيسية.


الخميس، 7 يناير 2010

تجربتي الشخصية في الترجمة

من القلائل الذين تركوا بصمة في شخصيتي في كلية الهندسة، أ. د. محسن رشوان، وهو يملك شخصية رائعة أثّرت في أجيال من المهندسين وأثرت ثقافتهم، وهو أحد مؤسسي الشركة الهندسة لتطوير البرمجيات RDI واسمها اختصار لجملة "مؤسسة البحث والتطوير" Research & Development Institution، وكان يقول دائما "إن لم نكسب منها نقودا، نكون على الأقل قد أنتجنا بحوثا".. وتحت هذا الشعار الرائع من شخص يبحث عن إضافة حقيقة للعلم في مصر وليس النقود في المقام الأول، اقتحمت الشركة مجالات معقدة في التسعينيات، مثل ضغط الصوت والتعرف على الكلمات العربية المنطوقة أو المكتوبة، والتحليل الصرفي وفض الالتباس بين الاحتمالات الصرفية من خلال السياق، ونطق الكلمات العربية المكتوبة، والتشكيل النحوي الآلي، وصولا إلى حفص: شيخ الكُتّاب الرقمي الذي يقيّم تجويدك للقرآن الكريم من خلال قراءتك الصوتية!.. وكل من يعملون في هذه التقنيات سجلوها كرسائل ماجستير ودكتوراه ونشروا عنها بحوثا في دوريات عالمية مشهورة، ومنهم د. محمد عطية العربي، وهو حاليا في كندا (للأسف)، ويحاضر في جامعة يوتاه.
وقد كان د. محسن رشوان ـ وأظنه ما زال ـ يشرح مادة الإنسانيات في الكلية، ومن خلالها كان يمنحنا خبرات في إدارة البرمجيات، وفي مرة طلب من كل منا مشروعا برمجيا ليعطيه عليه درجات أعمال السنة، وكانت هذه بدايتي الحقيقية في البرمجة، فقد ذهبت إلى الصديق محمد جلال، وعلمني فيجيوال بيزيك وكتبنا معا برنامج الشاعر الذي يحلل أوزان القصائد، ومن يومها وأنا شغوف بالبرمجة، وأدين بالفضل في هذا لـ د. محسن رشوان.. لهذا، في عام 2002 اخترت أن أعمل مشروع تخرجي تحت إشرافه.. وقد أرسلني إلى شركة RDI لأتعرف على شخص رائع هو م. محمد عطية (د. محمد عطية حاليا)، الذي ساعدني في المشروع بكل حماس، وتعلمت منه الكثير وما زلت، بل كنت أعرض عليه كتاباتي الفكرية والأدبية ولم يكن يتأخر في نقدها وتوجيهي، وقد دعاني أيضا إلى حضور محاضرات صيفية في RDI تشرح فيها الشركة أحدث التقنيات التي تعمل فيها، وكانت هذه فترة رائعة من التعلم المفيد التي أطلقت حماسي بشدة.. وقد دعوت صديقي د. عمرو الحصري إلى حضور هذه المحاضرات، وهو طبيب مغرم بالبرمجة، وحصل على شهادة ITI بعد هذا، وهو يعمل مبرمجا بالجافا حاليا، وحصل على براءة اختراع عن فكرة خاصة في الطب وأخرى تربط البرمجة بالطب!
وفي نفس الفترة، كنت في لقاء مع الصديق م. محمد عبد العال، وكنا نتناقش في كل شيء، ونحلم بمستقبل أفضل لمصر والبلاد العربية، فتطرق الحوار إلى طموحه عن تعريب علوم الحاسب، لتصل إلى أجيال أصغر، لأنه يطمح إلى أن ينجز شيئا في البرمجة، ويحتاج إلى فريق محترف، وهذا لن يكون إلا إذا تعلموا باكرا.. وقد أعجبتني الفكرة، وكانت Visual Studio .NET قد ظهرت في تلك الفترة، وكنت أشعر فيها بالغربة لأنني مبرمج VB6 والقفزة كانت هائلة، وكنت أفكر بترجمة أحد المراجع فيها لكني كنت مترددا ومتكاسلا، لكني بعد سماع فكرته الطموح، قلت له في حماس إنني سأضطلع بنصيبي من هذا المشروع، وسأترجم Mastering VB.NET.. وقد شرعت في هذا العمل فعلا، واستغرق الكتاب حوالي 10 شهور من العمل الشاق، ونشرت أول نسخة منه بفضل الله على الإنترنت في أبريل عام 2003 ثم نشرت نسخة مكتملة منه بعد ذلك ببضعة أشهر.
ومن المفارقات في هذا الأمر، أنني ذهبت إلى أحد الأساتذة في هندسة القاهرة وكان مسئولا عن مركز "هاي تك" التابع للكلية، وعرضت عليه نشر كتاب "احتراف فيجيوال بيزك دوت نت" على موقع المركز وبدون أي مقابل، فقال إن القراءة بالعربية لا تفيد، ولن تلاحق الإصدارات المتتالية، ورفض نشر الكتاب!
وقد أهداني الصديق د. أيمن سعد موقعا لرفع الكتاب عليه، وكذلك فعل م. أحمد أبو المعاطي (وهو زميل دراسة ومدينة جامعية وأحد مبرمجي RDI أيضا) وكذلك فعل أيضا أ. مرعي بن قماش.. وأنا أجدد الشكر لكل من ساهموا في نشر هذا الكتاب.
وقد تم تحميل هذا الكتاب من موقعي في عامين فقط 95 ألف مرة قبل أن تنتهي مدته (كانت ستصير دعاية هائلة لهاي تك.. أليس كذلك؟)
بعد هذا لم أشغل بالي بعمل موقع للكتاب، لأنه ببساطة موجود في كل المكتبات الالكترونية منذ سبع سنوات وحتى اليوم بفضل الله، وتم تحميله أكثر 60 ألف مرة من موقع "كتب الحاسب العربية"على سبيل المثال لا الحصر، ومعظم المبرمجين الذين قابلتهم في شركات البرمجة لديهم نسخة من هذا الكتاب، بل إني قابلت شابا عاشقا للبرمجة في إحدى مرات استدعائي في الجيش وكان عنده الكتاب أيضا، ومستواه في البرمجة جيد، رغم أنه خريج كلية التربية الرياضية.
وقد كانت هذه التجربة حافزا لي لأكتب مراجعي الخاصة بالعربية، وحاليا نشرت بفضل الله 4 مراجع في VB (ومنها نسخ في سي شارب).. ويمكنكم القول إنني أحاول تعريب MSDN بطريقة موجزة منظمة، لأن الكتاب العرب في مجال البرمجة يكتفون بالمختصرات، وأنا أصر على كتابة مراجع وافية، مهما كانت المخاطرة (فالقارئ العربي لا يحب الكتب السميكة!).
ولكن هذه لم تكن كل نتائج هذا الكتاب، فقد كنت شرحت أهدافي من ترجمته في مقدمته، وأرجو أن تقرؤوها، لأن لها علاقة بما نتكلم عنه.. ستجدونها هنا:
وقد نشرت أيضا في المقدمة منهجي في الترجمة.. يمنككم قراءته هنا:
وبفضل الله، تركت هذه المقدمة أثرا في القراء أكبر مما كنت أتوقع، لدرجة أن بعضهم أرسل إليّ يشكرني على المقدمة وحدها قبل حتى أن يقرأ باقي الكتاب، وقد نشر بعضهم هذه المقدمة في عدة مواقع، مطالبين بتبني فكرة الترجمة العلمية.. ومنهم:
-       شادي الظافر في "منتدى فيجيوال بيزيك للعرب".
-       عبد القادر الجزائري في مدونة "كتاب قرأته".
-       محمد ناصر أغا في كتابه "لغة البرمجة دلفي".
-  م. نادر المنسي في منتدى الواحة.. وهو يشرح كيف تأثر بتجربتي في مقدمة أحد الكتب التي ترجمها، وتجدونها هنا:
ويقول م. نادر أيضا في مقدمة كتاب "خبير الشبكات اللاسلكية":
"لم أحب الترجمة الحرفية أو القاصرة علي مرجع واحد فقط فقررت أن يكون الأمر مزيجا ما بين الترجمة والتجميع من أكثر من مصدر وقمت أيضا بإضافة بعض من خبراتي الذاتية في المجال الذي يختص به الكتاب وهكذا حتى أصبح مزيجا ما بين الترجمة و التأليف والترتيب ولم أعتمد إطلاقا الترجمة الحرفية إلا قليلا بل أحببت أكثر أن أذكر تعريب الكلمة و كنت عندما أريد أن أقتبس فقرة بكاملها أقوم بقراءتها و أصوغها بصياغة عربية شخصية حتى كأنك تري كتابا عربيا خالصا لا يمت إلي الكتاب الأصلي بأي صلة وذلك لأنني و جدت أن الترجمة الحرفية للموضوع تذهب روحه وتميع محتواه"

ولو رجعتم إلى منهجي في الترجمة الذي وضعته في مقدمة كتابي، لوجدتم أنه تبنى نفس المنهج تماما، وهذا أمر يسعدني بكل تأكيد، فبدلا من أمضي وحدي في مجال واحد وهو دوت نت، صار م. نادر يمضي معي على التوازي في مجال هام آخر هو الشبكات.. بل إنه اقترح فكرة أراه يستحق عليها مليون جنيه، ولم تخطر لأحد قبله على بال.

ما أردت قوله من كل هذا السرد التاريخي، هو أن الفكرة لا تموت، وأنها تدخل في سلسلة تأثير وتأثر لا يعلم نتائجها إلا الله سبحانه وتعالى.
ولقد أريتكم بعض حلقات من السلسلة: د. محسن رشوان، د. محمد عطية، م. محمد عبد العال، أنا، م. نادر....
ولا أحد يدري كم حلقة أخرى يمكن أن تضاف إلى هذه السلسلة.. علينا فقط أن نعمل بجد، وألا نفقد حماسنا، وألا نستهين بقوة الكلمة وقدرتها على إحداث التغيير بإذن الله.. فلو أن أي شخص ممن ذكرتهم أعلاه قرر "تكبير دماغه"، وصار انهزاميا ورأى أن فكرة بعينها لا قيمة لها (مثل الدكتور .... مدير هاي تك في تلك الفترة)، ما كان أي شيء حدث.. ما كانت RDI ولا منتجاتها العبقرية، ولا البحوث التي تنشر بأسماء عربية في دوريات عالمية، ولا الكتب التي ترجمت، ولا أي شيء..
ومن يدري.. لعل أحفادنا يكتبون يوما في كتب التاريخ أن وضعنا الحضاري قد اختلف، بسبب فكرة حفّزها د. محسن رشوان واقترحها م. نادر، ونفذها ..... !
لا شيء مستحيل ما دامت هناك إرادة!
والله وحده يفعل ما يريد، ونحن لن نحاسب إلا على ما نستطيعه، وليس علينا أن نرى كل شيء يتحقق في أعمارنا القصيرة.. وعلى الأقل، فليكن لنا في اليهود عبرة، فقد زجوا بأنفسهم وسطنا كالورم الخبيث الذي لا نستطيع استئصاله، نتيجة تخطيط مستمر وعمل دائب لقرون.. فهل رأى (تيودور هرتزل) إسرائيل بأم عينه؟.. وهل الفاجر أشد جلدا منا وإصرارا على تحقيق جرمه، بينما وهنت عزائمنا عن العمل لنشر العلم والحق والخير؟

هناك تعليقان (2):

  1. مش عاوز أقول لحضرتك لولا الله ثم لولاك لربما ما اقتحمت مجال البرمجة مطلقاً لضعف لغتي الأجنبية ولحتجت ربما لسنوات قادمة لأتقدم خطوة في هذا الدرب
    فجزاء الله كل خير
    والله وحده كافيك

    ردحذف
  2. شهادة تقدير أعتز بها..
    جزاك الله خيرا
    تحياتي

    ردحذف