هذه المدونة مخصصة لمناقشة مشروع الترجمة الجامعية، المفصل في هذا الموضوع:

مشروع الترجمة الجامعية: فكرة عبقرية لردم الفجوة الحضارية

ومناقشة كل إيجابياته وسلبياته، ونشر الاقتراحات الجديدة والتعديلات المستحدثة عليه، ومتابعة آخر تطورات المشروع وردود الفعل حوله.. لهذا أرجو منكم التفاعل والمشاركة بحماس في نشر هذا المشروع والسعي إلى تحويله إلى حقيقة.. ويسعدني تلقي اقتراحاتكم على البريد: msvbnet@hotmail.com.. ولا تنسوا المشاركة في استطلاع الرأي الموجود أعلى الصفحة الرئيسية.


السبت، 16 يناير 2010

سؤال متكرر: هل من حق الدولة أن تسخر الطالب والأستاذ الجامعي مجانا من أجل مشروع قومي؟

س: لماذا تجبر الدولة الطالب على شيء لا يريده؟.. لماذا ترهق الأستاذ الجامعي بمسئوليات إضافية؟.. أليس هذا ظلما وقهرا؟


ج: أولا: الطالب وأستاذ الجامعة أكثر المدينين للدولة ولهذا المجتمع بعد كل ما أنفق عليهم من نقود الفقراء والمرضى والأرامل واليتامى والمشردين، وعليهم سداد هذا الدين بإنتاج شيء يعود بالنفع على هذا المجتمع، لهذا فمن حق الدولة تجنيدهم من أجل أي مشروع تراه مناسبا.

ثانيا: مشروع الترجمة سيدخل كمادة عادية ضمن المنظومة التعليمية، ولن يكون عبئا ثقيلا إذا أحسن تنظيمه.

ثانيا: أريد أن أركز على مفهوم التضحية والعمل الوطني، وهو أمر ثقيل على الغالبية، لكنه ضروري..

لقد دخلت الجيش، ورأيت معظم المجندين ساخطين، لأن زملاءهم أخذوا تأجيلا وسافروا بينما هم لا يفهمون ماذا يفعلون هنا ولماذا هم معطلون ومفروض عليهم كل هذه الأعباء، ولماذا هم بالذات!

وقد كنت أشرح لهم أن الجيوش في فترات السلم تكون عبئا على الدولة بسبب ميزانيتها الضخمة، وأنه لو تم تجنيد كل من يمكن تجنيده بلا ضرورة حقيقية فسينهار الاقتصاد علينا جميعا!.. كما لا يمكن إلغاء التجنيد، ففي هذه الحالة سيكون العدو هنا في اليوم التالي، ما دام ضمن أنه لا يوجد من يصده!

لكن التجنيد في الجيش ليس هو الضريبة الوحيدة التي نحتاج إلى دفعها من أجل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.. فقد أدى استرخاء عشرات الأجيال السابقة إلى حصرنا في رقعة لا تزيد عن 4% من مساحة مصر، وأدى تزايد السكان إلى تدميرنا المستمر للأرض الزراعية، أي أننا نخصم من الرصيد القليل المتاح أصلا، وننشر العشوائية والفوضى في كل مكان!.. والأدهى أن نهر النيل في خطر بسبب السدود التي تبنيها أثيويبا وأوغندا.. والجيل القادم سيواجه مشاكل متفاقمة في كل المجالات، ما لم نبدأ التفكير في الإضافة الحقيقية إلى الوطن.. فإن لم تبدأ الدولة في تجييش الشباب للعمل الجماعي من أجل قهر الصحراء وتحويلها إلى مدن صناعية عملاقة، واستصلاح ملايين الأفدنة منها، وتنفيذ مشاريع جبارة مثل مشروع تحويل منخفض القطارة إلى بحيرة صناعية عملاقة (وهو مشروع يعاد طرحه في مصر كل عشر سنوات منذ 70 عاما بلا جدوى) ـ أؤكد لكم أن أولادنا وأحفادنا سيعانون من التشرد والمجاعة والهجرة الجماعية إلى الدول المحيطة!إن البئر تنضب، ونحن نتكالب على ثمالتها، ولا أحد يريد أن يفعل شيئا أو يفكر في حفر بئر جديدة!
تخيلوا مثلا لو أن الفراعنة لم يجففوا المستنقعات الشمالية ليتركوا لنا الدلتا كما نعرفها اليوم؟
تخيلوا لو أننا ولدنا فلم نجد السد العالي وقناة السويس؟
بل إننا ما زلنا نعيش على جهد الفراعنة إلى اليوم، بسبب ملايين السياح الذين يأتون إلى مصر سنويا ليروا ما تعبت سواعدهم وعقولهم ومواهبهم في تشييده منذ أكثر من 7 آلاف عام!


إن الأمم تنهض بالعمل وما يضيفه أبناؤها على أرض الواقع من مشاريع وإنجازات للمستقبل.. فإن لم تتوفر النقود التي تجعل الدولة تنفق على هذه المشاريع بسخاء، فلا أقل من أن تجبر الشباب على العمل الإلزامي من أجل مستقبلها.

ويتكلم الفريق سعد الدين الشاذلي في كتابه "مذكرات حرب أكتوبر" عن رحلته إلى كوريا الشمالية قبل حرب 1973 لطلب طيارين كوريين بديلا للسوفيت الذين طردهم السادات (وقد حارب الطيارون الكوريون معنا في حرب أكتوبر فعلا)، فيقول إنه شاهد شعبا مجيشا بأكمله، فكل طالب أو موظف أو عامل مفروض عليه ساعة أو ساعتين يوميا من العمل الإجباري لمصلحة الدولة بدون مقابل، فترى كل هؤلاء يحملون فؤوسهم ويذهبون لشق الطرق ونحت المغارات في الجبال لإقامة مصانع ومطارات في بطن الجبل تحسبا لأي هجوم جوي أمريكي.. وبعد هذا يذهب الطفل إلى مدرسته، والموظف إلى وظيفته، والعامل إلى مصنعه، والفلاح إلى أرضه.

شعب يفعل هذا منذ 40 عاما، جدير بأن يتحدى أمريكا رغم فقره وحصاره اقتصاديا، وأن تكون لديه صواريخ فضاء ويرسل قمرا صناعيا، ويجرب الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، وينشئ المفاعلات النووية، ويصنع الدبابات والطائرات!

إن الأمم العظيمة لا تنشأ على الكسل ورفض العمل من أجل مستقبل أفضل، ولا على قول كل إنسان لماذا أنا الذي أجند، ولماذا أنا الذي أترجم، ولماذا أنا الذي أعمل في توشكا، ولماذا أنا الذي ينشئ محطات توليد الكهرباء على منخفض القطارة.... لأن البديل المتاح أمام من يقول هذا، هو انتظار الفقر والتشرد واستغلال الأعداء، أو الهرب من الوطن إلى أرض أخرى تعبت أجيالها السابقة لتجعلها وطنا يستحق أن يعاش فيه!

إضافة إلى هذا، فإن أي شيء نفعله الآن للوطن، هو جزء من رد الدين للأجيال السابقة التي تعبت من أجل أن نجد هذا الوطن.. لقد كنت أقول لنفسي وأنا في الجيش إن هناك آلاف الشهداء سالت دماؤهم في أكتوبر من أجل أن أعيش أنا في أمان، فكيف أستصعب أن أقف ساعة ثبات في قيظ الظهيرة، أو أسهر ساعتين في الخدمة في زمهرير الليل؟

لكن للأسف: أسوأ ما في نظام تعليمنا الحالي، أنه صنع أجيالا متتالية تعتقد أنها موجودة في الحياة للترفيه وليس للعمل والتعب والإنتاج، فالتلميذ الذي يقول له أبوه: "أهم شيء عندي أن تذاكر"، ويجد كل ما يحتاجه من ملبس ومأكل وكتب ومصروف جاهزة بدون تعب، يظن أن الحياة ستظل معه بهذا السخاء إلى الأبد، وأن الواقع سيدللـه، ويمنحه كل شيء لمجرد أنه أمسك ورقة وقلما، وللأسف، هذا التساهل ينسحب على العملية التعليمية نفسها:

فبدلا أن أتعب لأذاكر، أذهب إلى الدرس الخصوصي..

وبدلا من أن أفهم، أحفظ..

وبدلا من أن أحفظ، أطالب بإزالة الحشو من المناهج وتسهيل الامتحانات..

وبدلا من أجيب عن هذه الامتحانات التافهة، أغش وأبرشم..

وكل هذا أدى إلى انهيار مستوى خريجي الجامعات كما نراه اليوم!

إن التراخي يولد الضعف.. والتعب ينمي القوة.. والعزيمة تغير الواقع.

أرجو أن تقرأوا هذه التحليل الفذ لغازي أبو فرحة:

هذا الرجل استنتج أن أمريكا تعاني كارثة اقتصادية ضخمة كل بضع وسبعين عاما، وتوقع أن تدخل في واحدة منها في عام 2005 أو حولها، وكلنا يعرف الآن أن أمريكا تعاني واحدة من أسوأ كوارثها الاقتصادية منذ عام 2008.

ولتفاصيل أكثر عن نظريته، يمكنك زيارة صفحته الشخصية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق