هذه المدونة مخصصة لمناقشة مشروع الترجمة الجامعية، المفصل في هذا الموضوع:

مشروع الترجمة الجامعية: فكرة عبقرية لردم الفجوة الحضارية

ومناقشة كل إيجابياته وسلبياته، ونشر الاقتراحات الجديدة والتعديلات المستحدثة عليه، ومتابعة آخر تطورات المشروع وردود الفعل حوله.. لهذا أرجو منكم التفاعل والمشاركة بحماس في نشر هذا المشروع والسعي إلى تحويله إلى حقيقة.. ويسعدني تلقي اقتراحاتكم على البريد: msvbnet@hotmail.com.. ولا تنسوا المشاركة في استطلاع الرأي الموجود أعلى الصفحة الرئيسية.


الثلاثاء، 5 يناير 2010

مشروع الترجمة الجامعية: فكرة عبقرية لردم الفجوة الحضارية

قرأت اقترحا للمهندس نادر المنسي في كتابه "هندسة وفن تمديد كابلات الشبكات"، بألا تعطي الجامعات العربية شهادات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه لأي طالب أو باحث في الكليات العلمية ككليات الهندسة وكليات الحاسبات والمعلومات وكليات العلوم، إلا إذا ترجم على الأقل أحد المراجع الأجنبية في مجال تخصصه إلى العربية، على أن تقوم الدولة بوضع هذه الترجمات على موقع خاص بها على شبكة الإنترنت لتكون متاحة للجميع، إضافة إلى ترجمات رسائل الماجستير والدكتوراه.

وأنا أرى أن هذا اقتراح عبقري، ولا أدري كيف غفل عنه المسئولون عن التعليم منذ نصف قرن!
وسنناقش في هذا الموضوع فوائد هذه الفكرة، وكيف نطورها لنحصل على أقصى استفادة.


اقتراح كهذا كفيل بإحداث حركة ترجمة نشطة تقلل الفجوة بيننا وبين الغرب، وتزيد من كم المعرفة المكتوبة بالعربية، مما يمنح الفتية الصغار القدرة على القراءة في العلوم باكرا، دون الاصطدام بمشاكل الاستيعاب بلغة أجنبية، وهو ما سيزيد من سرعة التعلم وكفاءته، والقدرة المبكرة على الابتكار والإبداع.. كما أن هذا سيجعل للدراسة بالإنجليزية والفرنسية في الجامعات فائدة حقيقية، وهي قدرة المتعلم على تعريب العلوم التي يدرسها.

ثم إن ترجمة مرجع علمي هي خبرة هائلة، تجعل الطالب يجيد محتوى المرجع، ويتمرس على الترجمة ويقوي لغته الإنجليزية وأسلوبه بالعربية، وهو ما يضاف إلى سيرته الذاتية بعد التخرج ويعينه على العثور على فرصة عمل أفضل بإذن الله.

لقد كانت حركة الترجمة الكبيرة من الفارسية واليونانية والهندية والصينية إلى العربية، هي أساس نهضة المسلمين، وكذلك لم تخرج أوروبا من القرون الوسطى إلا حينما أرسلت مثقفيها إلى الأندلس لتعلم العربية وترجمة كتبها.. وبعد سقوط الأندلس سارت قوافل طويلة من الدواب تحمل ملايين الكتب العربية إلى كل مكان في أوروبا، لتبدأ حركة ترجم عملاقة واكبها ظهور الطباعة، فاشتعلت النهضة بسرعة هائلة.

واليوم، لماذا لا نبدأ حركة ترجمة هائلة تواكبها ثورة المعلوماتية والإنترنت، وهي لن تكلف شيئا، فالطلبة في الجامعات فعلا، والمراجع الأجنبية متاحة مجانا عبر الإنترنت، ونشر الكتب المترجمة على الإنترنت لا يكلف شيئا!

لماذا لا نركب الموجة الحضارية الجديدة هذه المرة، ونلعب بطريقة صحيحة؟

***

وأنا أزيد على هذا الاقتراح العبقري بعض النقاط:

1- ألا تتم ترقية أي أستاذ جامعي بدون ترجمة أحد المراجع الأجنبية في مجال تخصصه، أو على الأقل ترجمة البحث الذي حصل به على الترقية!

2- أن يكون المرجع الذي يترجمه الطالب مقسما على سنوات دراسته، وجزءا من درجاته السنوية.

3- أن يوضع المصطلح العلمي الأجنبي بجوار الترجمة العربية على الأقل في عناوين الفصول والفقرات، مع وضع قاموس صغير في نهاية الكتاب يحتوي على المصطلحات وترجماتها.. هذا يضمن عدم فصل القارئ بالعربية عن مصطلحات العلم، ويضمن قدرته على البحث في الإنترنت وغير ذلك.

4- أن يوجد تعاون بين طلبة كليات اللغة العربية واللغات الأجنبية وطلبة الكليات العلمية، بحيث يكون هناك فريق عمل متكامل.. مثلا: الطالب المهندس قد يحتاج إلى طالب لغة عربية لتدقيق النص المترجم، وإلى طالب يدرس الإنجليزية للتأكد من دقة الترجمة من الأصل، ويكون هذا النشاط جزءا من درجات كل طالب من هؤلاء.. لاحظ أن التواصل بين طلبة الكليات المختلفة لا يستدعي التقاءهم وجها لوجه أو تضييع أي وقت، فالأمر لا يحتاج أكثر من تواصل الفريق دوريا عبر موقع النشر، وتعليق كل منهم على العمل المترجم وتنقيحه له، وتقديم تقريره إلى أستاذه المشرف.. وبهذا يكون هناك تواصل بين التخصصات المختلفة، ويتم الاستفادة من جيوش المتعلمين في الجامعات الذين لا يستفيدون شيئا مما يدرسونه، ولا يفيدون أحدا بشيء!

5- أن تطبع الدولة أفضل هذه المراجع وتعطي جوائز لأصحابها.

6- الاستعانة بالطلاب المتميزين في اللغات والبرمجة، في وضع نموذج تحليلي لتوصيف العلاقات التي تربط الكلمات والمعاني والمجازات (شجرة الدلالات) لتسهيل الوصول إلى برامج الترجمة الآلية، ودمج هذا بمشروع الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، بتحليل النصوص الأصلية والمترجمة، ليبنى عليها برامج الترجمة الآلية والتحليل الآلي للمعاني وما شابه.

بهذه الإضافات، سنضمن ما يلي:

- قيام الطالب بالترجمة في تخصصه العلمي، وتحت إشراف أستاذه الجامعي، سيجعلنا لا نقلق من مشاكل المصطلح، لأن هذا سيبدأ نقاشا ثوريا في الجامعات وعلى الإنترنت وسيحيي اللغة العربية، وسيجعلها مواكبة لكل تطور عالمي!

- لا تنسوا أيضا أننا في عصر الحاسوب، وكل منا لديه عشرات البرامج المساعدة للترجمة، وعشرات القواميس المتخصصة.. الأمور صارت أسهل كثيرا مما مضى، ولن يجوب المرء المكتبات بحثا عن معنى كلمة، ففي ثانية واحدة سيفتح موقع ترجمة جوجيل، ويحصل على معناها!.. هذا يجيب عن أي سؤال حول ركاكة مستوى الطلاب في الإنجليزية.. نحن لا نحتاج منهم إلا فهم المصطلحات والمضمون العلمي، خاصة أن اللغة المستخدمة في المراجع العلمية هي الإنجليزية المبسطة.. نحن نطلب منهم فقط القدرة على الكتابة بأبسط أسلوب بالعربية، ولا نطلب منهم الكتابة بالإنجليزية، فهذا يتطلب إجادة أعلى للغة.

- إشراك طلبة اللغات الأجنبية واللغة العربية في المشروع كجزء من درجاتهم يعني أنهم سيكونون تحت إشراف أساتذتهم أيضا، يضمن لنا رفع مستوى اللغة عند طلبة الكليات العلمية وأساتذتهم، كما يضمن رفع مستوى المعرفة العلمية عند طلبة الكليات اللغوية وأساتذتهم!

- لو أثمرت جهود تحليل اللغة وبناء شجرة الدلالات في إنتاج برامج ترجمة فورية عالية الدقة والاحترافية، فلن نحتاج إلى أية جهود إضافية، لأن ترجمة المراجع ستتم بعد هذا بمجرد ضغطة زر!

تخيل فقط لو أن هذه الفكرة دخلت حيز التنفيذ، كيف سترفع المستوى العلمي والفكري واللغوي لكل من الطالب وأستاذه!

بل كيف ستغير شكل مجتمعاتنا!

إن كلية الهندسة جامعة القاهرة وحدها تخرج أكثر من 2000 طالب سنويا.. تخيل أن يتحول هذا العدد إلى مراجع مترجمة؟

وماذا لو أضيفت إليه كليات أخرى وجامعات أخرى ودول عربية أخرى؟

هل تتخيل حجم الطوفان العلمي الذي سيحدث في الوطن العربي في خمس سنوات فقط، خصوصا مع تشاركنا هذه الترجمات عبر الإنترنت؟

ولا أريد الخوص هنا في حسابات معقدة عن أنسب حجم يترجمه الطالب ويمكن للأساتذة مراجعته، فهذا تقدره كل كلية على حسب إمكانياتها ونسبة عدد طلابها إلى عدد أساتذتها.. لكن حتى لو أخذنا الحد الأدنى لهذه الفكرة، وافترضنا أن الترجمة ستتم في كلية هندسة القاهرة فقط، وأن كل طالب سيترجم صفحة واحدة فقط في كل فصل دراسي، فهذا معناه أنه سيترجم 10 صفحات في أعوام دراسته، وهو ما يعني ترجمة 20 ألف صفحة مع تخرج دفعته (بافتراض أن الدفعة 2000 طالب)، وهو ما يعادل 20 مرجعا كبيرا، وبهذا سنحصل كل عام على 20 مرجعا علميا عربيا، من كلية واحدة فقط في جامعة واحدة فقط، وبترجمة الطالب لصفحة واحدة فقط في كل فصل دراسي!

وعلى كل حال، عدد حاملي الدكتوراه في مصر وصل إلى 1 من كل 1000 تقريبا، ويوجد في قسم الاتصالات في هندسة القاهرة حوالي 80 أستاذا، بما يعني تقريبا وجود أستاذ لكل 10 طلاب!

لهذا لا أظن الضغط سيكون كبيرا على الأساتذة، لو تم تنظيم المشروع بالصورة الملائمة.

***

وهناك أيضا نقطة هامة بخصوص حقوق الملكية الفكرية للكتب المترجمة.. الحقيقة أن أمهات الكتب العلمية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها غير مترجمة، وهذه لم يعد لها حقوق ملكية فكرية.. كما أن أقصى مدة لحقوق الملكية الفكرية هي 20 عاما في الاتفاقية الجديدة.. فلنقل إذن إننا سنردم الفجوة الحضارية إلى آخر 20 عاما فقط.. هذا أفضل من فجوة حجمها 500 عام!!

***

وقد طورت هذه الفكرة من خلال النقاشات، مما جعلني أضيف إليها الاقتراحات التالية:

1- إضافة مادة في المرحلة الثانوية، اسمها ترجمة علمية، تكون مشتركة بين مدرس العلوم (الأحياء ـ الفيزياء ـ الكيمياء) ومدرس اللغة الإنجليزية ومدرس اللغة العربية، ويكون على كل طالب أن يترجم فيها بحوثا قصيرة ومقالات في أي مجال علمي مبسط.. ويكون دور مدرس العلوم تقييم دقة المحتوى العلمي في النص المترجم، ويكون دور مدرس اللغة العربية تقييم صحة الأسلوب العربي وسلاسته ووضوحه.. ويكون دور مدرس اللغة الإنجليزية التأكد من صحة ترجمة النص الإنجليزي ومدى أمانة الترجمة، وما نسبة التصرف المتاحة.

والهدف من هذه المادة هو تقوية مهارات التلميذ والمدرسين العلمية والإنجليزية والعربية، كما أنها تعتبر تدريبا تمهيديا لقيام الطالب بترجمة المراجع في الجامعة.

2- تعديل كتب العلوم والرياضايت في المرحلة الإعدادية والثانوية، لضمان ذكر المصطلح العلمي الأجنبي بجوار المصطلح العلمي العربي، بحيث يألفها التلاميذ ويسهل عليهم الترجمة التدريبية في المرحلة الثانوية، والترجمة الفعلية في الجامعة.

3- نفس الأمر في المدارس الأجنبية، حيث أقترح تعديل كتب العلوم والرياضايت في جميع مراحل الدراسة، لضمان ذكر المصطلح العلمي العربي بجوار المصطلح العلمي الأجنبي، بحيث يألفها التلاميذ ويسهل عليهم الترجمة التدريبية في المرحلة الثانوية، والترجمة الفعلية في الجامعة.

4- تتم الترجمة في الكليات العلمية من خلال مادة إلزامية اسمها "ترجمة علمية"، بحيث يكون على الطالب ترجمة فصل واحد من أحد المراجع الأجنبية في كل فصل دراسي.. بهذا المعدل سيحتاج الطالب إلى ترجمة أقل من صفحة في اليوم فحسب.

على أن تكون درجات هذه المادة مقسمة بين جودة المنتج (الفصل المترجم)، وبين امتحان تحريري فيه سؤالان على الأقل: سؤال عن المحتوي العلمي بالإنجليزية، وسؤال عن ترجمة فقرة من الكتاب.

بهذا نكون ضمنا استفادة الطالب من عملية الترجمة، وقللنا احتمالات تحايله.. وفي نهاية سنوات الدراسة يكون قد ترك لنا 8 فصول أو 10 فصول مترجمة (تبعا لعدد سنوات الدراسة في كليته)، وهو ما يعني مرجعا متوسط الحجم.. والمراجع الأكبر من هذا تقسم على أكثر من طالب.

5- إضافة مادة "مراجعة التراجم العلمية" في الكليات اللغوية (التي تدرس العربية أو الإنجليزية) بحيث يتولى كل طالب في كل فصل دراسي، مراجعة فصل من المترجمات التي أنتجها طلاب الكليات العلمية، ويرفع تقريره على موقع المشروع، ويقدمه إلى أستاذه للحصول على الدرجات.

***

وقد أضاف الباحث اللغوي أ. حسين محمد البسومي هذا الاقتراح إلى الفكرة:



من الأهداف الأساسية التي أنشئ من أجلها مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1934 كان إنشاء المعجم التاريخي للغة العربية.. ذلك المعجم الذي يجمع كل كلمات اللغة، ويرصد كل ما يتعلق بكل كلمة في كل العصور التي مرت بها، وكل الأماكن التي حلت فيها، فهو يؤلف قصة حياة كاملة لكل كلمة وأنا أتساءل: ماذا لو كُلف طلاب الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) في كليات ومعاهد اللغة العربية في جميع الدول العربية بدراسة وإعداد هذا المعجم من عشر سنوات مضت فقط؟.. ماذا لو وحد الأساتذة الكبار جهودهم في رسم خريطة طريق واضحة بالموضوعات والقضايا المهمة التي تثري العقل العربي وتملأ الفجوات التي صنعها الغرب في قلب العقل العربي المعاصر؟.. ماذا لو أحسنا استغلال هذه الثروة الضخمة غير المستغلة ـ أقصد طلاب الماجستير والدكتوراه؟.. ماذا لو تخلينا عن العشوائية الفكرية ولو على مستوى رجال الفكر والثقافة الجامعية؟.. ماذا لو امتلكت هذه الفئة روح المبادرة، وتخلت عن روح رد الفعل التي كدنا لا نتبينها هي الأخرى؟.. ماذا لو...؟


إن هناك الكثير مما يمكن استثمار طلبة الجامعات فيه دون أن ندفع قرشا زائدا، وسنحصل على نتائج خرافية، دون أن نظل نندب حظنا ونلعن تخلف التقنية لدينا وعجزنا عن امتلاك المصانع والمعامل المتطورة، فنحن الآن في عصر العولمة، والتقنيات الرقمية تعدنا بإمكانيات جبارة، فقط لو كان لدينا إرادة التغيير.. فإن لم نركب الموجة الثالثة من الحضارة الآن، فلن يكون أمامنا إلا انتظار خراب العالم لنتساوى بالجميع تحت الصفر!

***

والسؤال الآن: كيف يمكن إيصال هذه الأفكار والأسئلة والاقتراحات إلى المسئولين عن التعليم في الدول العربية، أو في اللجان المتخصصة في الجامعة العربية، وكيف ندفعهم إلى تنفيذها؟

أرجو من كل منكم أن يعتبر الفكرة فكرته، ويدخل عليها التعديلات التي يراها أفضل، ويساهم في نشرها عبر المنتديات والمجموعات البريدية والمدونات وقوائم الأصدقاء، إضافة إلى مراسلة الصحف والفضائيات والمسئولين وأساتذة الجامعات في كل الدول العربية.. فأهم شيء الآن هو نشر هذه الفكرة على أوسع نطاق ليتاح لها نقاش واسع يكفل تطويرها وإحيائها في عقول ونفوس جيل جديد.

كما يمكن عمل فرق ترجمة فردية على هامش الفكرة كمثال عملي مصغر، وأقترح أن يتم هذا عبر الجمعية الدولية للمترجمين العرب WATA وهذا هو منتداها:


ومن يدري، فلعل هذا يحدث فارقا!

وتذكر دائما أن الشجرة العملاقة كانت بذرة في قبضة اليد، وأن (..... كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24}‏ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {25}) كما قال سبحانه في سورة إبراهيم.. فلا تقلل أبدا من قيمة كلمة طيبة، أو فكرة جيدة، أو خطوة على الطريق، فليس المطلوب من كل منا أن يغير العالم بنفسه.. كل المطلوب منا أن نبذل ما بوسعنا لتوسيع دائرة النور من حولنا.. ويوما ما ـ لا يهم متى ـ سنجد أن العالم من حولنا قد صار مضيئا، لأن كثيرا من أفراده قد صاروا شموعا.. أو شموسا!


م. محمد حمدي غانم







هناك 9 تعليقات:

  1. جزاك الله خيراً على هذه المقالة الجيدة ولكن الأمر ليس بالبساطة التي تظنها. إن النقل إلى اللغة العربية يتطلب التمكن التام من أدوات اللغة العربية وهناك فجوة كبيرة بين الكتب التي تترجم في مصر وبين تلك التي تترجم في بلاد الشام حتى أن القارئ لتا يكاد يفهم العبارات إلا إذا سأل أساتذة من البلد الذي تمت فيه الترجمة رغم أن من يترجم من كبار اساتذة الجامعات. فما بالك بترجمة الطلاب وهم لايكادون يركبون جملة مفيدة في اللغة العربية الفصحى من غير لحن!! وانتشار الانكلوعرب قي بلاد العرب!!

    ردحذف
  2. شكرا لك سيدي الفاضل على اعتنائك بالرد والنقد..
    مشاركتك تحتوي على سؤالين أساسييبن:
    1- كيف سنوحد المصطلحات المترجمة؟.. وهذا أجبت عنه هنا:
    http://uni-trans.blogspot.com/2010/01/blog-post_453.html
    2- ماذا سنفعل في مشكلة صعف الطالب في اللغة العربية؟.. وهذا أجبت عنه هنا:
    http://uni-trans.blogspot.com/2010/01/blog-post_1701.html
    شكرا لك مجددا، وتقبل تحياتي

    ردحذف
  3. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    الموضوع اكثر من رائع - و ان شئت قل ممتاز-
    و لكن تعقيبى استاذى الفاضل ان للترجمة اشخاص يجيدونها هو منوطون بهذا الدور و للاسف الشديد هؤلاء المترجمين لا يجدون التشجيع ولا الاهتمام و لا ايضا لقمة العيش
    فعلى سبيل المثال كلية اللغات و الترجمة جامعة الازهر بها طلاب و مدرسين عباقرة بمعنى الكلمة و لكن يقوم الطالب ( طالب اللغات ) بترجمة ما يعادل 100 صفحة فقط طول الخمس سنوات - سبحان الله - هذا طالب لغات يترجم حوالى 20 صفحة سنويا فما بالكم بطلاب باقى الكليات
    و حتى لا اكون محبطا و يؤدى كلامى الى دائرة لا تبدء الا لتسترسل ولا تسترسل الا لتنتهى اقول
    - يجب على الكليات المتعلقة بدراسة و ترجمة اللغات الاجنبية زيادة نششاطها بصورة فاعلة بحيث يقوم كل طالب بترجمة كتاب كامل سنويا
    - لدعم هذا الامر يجب على الاساتذة التعاون مع كاتبى الكتب و الحصول منهم على حق الترجمة حتى لا يعرض المترجم نفسه لخطورة قانونية
    - تعريب العلوم بطريقة التواصل بين الطلاب حيث يقوم طالب كلية الهندسة بشرح المصطلحات الهندسية لطالب كلية اللغات ثم يقوم طالب كلية اللغات بترجمة تلك المصطلحات و مضمونها و ترجمة الكتاب الخاص بمادة هندسية و احدة سنويا
    و بعد 10 سنوات على اقصى حد سيكون قد توفر لدينا كم هائل من المصطلحات التى نحتاجها و لكن بلغتنا العربية
    - يجب الاهتمام ماديا و اجتماعيا بالمترجم فليس من المعقول ان يقوم خريج كليةى اللغات بالعمل كمندوب مبيعات او مترجم بالقطعة بمرتب شهرى لا يتعدى 600 جنيه

    شكرا جزيلا
    احمد خليل - مترجم باحدى شركات الاستيراد و التصدير

    ردحذف
  4. مرحبا أ. أحمد خليل:
    أشكرك على هذا التفاعل وهذه الاقتراحات، ورغبتك في إشراك اللغويين في ترجمة العلوم.
    وأنا أتفق مع على ضرورة زيادة جرعة ما يترجمه طلاب اللغات، فهذا تدريب أفضل لهم، وحصاد أكثر لنا.
    ولكني لا أتفق مع الطريقة التي اقترحتها بأن يشرح المتخصصون في العلوم المصطلحات للمترجمين وهم يقومون بالترجمة، فترجمة العلوم أمر لا يتعلق بالمصطلحات فحسب، بل بفهم المضمون والسياق، وحينما يترجم شخص نصا في مجال لا يفهمه، تصير الأمور معقدة جدا بالنسبة له، بسبب صعوبة الفهم وبطء الترجمة، ولأنه لا يستطيع تغيير أي كلمة عن موضعها خوفا من أن تؤدي إلى معلومة خاطئة بسبب عدم تمرسه.. وهناك أمثلة على هذا في الأسواق.. انظر مثلا ترجمات دار الفاروق لمراجع البرمجة.. حينما أقرأ النصوص العربية، أجدها جامدة ومعقدة، وأكاد لا أفهم شيئا، والسبب في هذا أن من يترجم ليس مبرمجا، وعليه أن يلتصق بالنص الأصلي كظله، حتى لا يكتب معلومات خاطئة.. بينما لو ترجم مبرمج نفس الكتاب، فلن يكون بحاجة إلى المحافظة على تعبيرات المؤلف الأصلي التي تنافي الذوق العربي وتجعل الأسلوب أطول وأصعب، وستكون لديه مرونة أكبر في الحذف والإضافة والتقديم والتأخير والإيضاح والتفسير، لأنه ببساطة يعرف ماذا يكتب.
    لهذا أؤيد أن يكون دور اللغويين من دارسي العربية والإنجليزية هو المراجعة وتدقيق النص المترجم.. أما الترجمة نفسها، فيجب أن يقوم بها متخصص علميا.

    أما بخصوص الخريجين من اللغويين وعدم وجود فرص ملائمة، فهذا حال الجميع.. والسبب في هذا أن نظام التعليم عندنا يأخذ ولا يعطي، وتنفق عليه الدولة مليارات الجنيهات سنويا من أجل أهداف نبيلة، وهي تعذيب الأسرة والطالب والمدرس، وإشاعة المراهقة والفاحشة، وتخريج أنصاف المتخصصين متدني الثقافة والذائقة، العاطلين عن العمل والزواج والأمل في الغد!
    وبينما يحمل ثلث الشعب المصري شهادات جامعية، يزداد سوق النشر انهيارا يوما عن يوم، فهذه الشهادات لم تعلم أحدا حب القراءة والمعرفة والتفكير والتساؤل، وبالتالي لماذا يطلب الناشر منك ترجمة شيء، أو مني تأليف شيء، ما دام لا أحد يقرأ أصلا؟!
    وينعكس كل هذا على جميع القطاعات.. حتى أساتذة الجامعة أضربوا لإجبار الحكومة على زيادة رواتبهم، لينضموا بهذا إلى الأطباء والصيادلة والزراعيين وموظفي الضرائب، وعمال الغزل والنسيج.... إلخ..
    لكن زيادة أجور أي من هؤلاء لن تحل مشاكلهم، فالحكومة ترفع الضرائب والأسعار لتدفع الزيادة في رواتبهم، فتقطع من هنا لترقع هناك!
    والسبب ببساطة أننا جميعا لا نضيف للوطن شيئا مقابل هذه الرواتب، ولا أحد يستفيد شيئا مما يتعلمه، ولا أي شيء نعمله يضيف إلى رصيدنا ورصيد أجيالنا القادمة!
    نحن في الحقيقة مجرد سماسرة ومقدمي خدمات، نعمل على استيراد وتوزيع علوم وثقافات ومنتجات الغير، ولا ننتج شيئا يذكر!
    حتى الأرض الزراعية التي هي آخر ما تبقى لنا، ندمرها ونجرفها ونبني عليها ونسممها بمياه الصرف، تاركين 96% من أرص مصر صحراء جرداء، لنتكدس في 4% ونظل نلعن الزحام والتلوث ومشكلة السكن!
    لهذا رجاء، دعنا نتوقف عن الصراخ والشكوى للحظة، ونبدأ في التفكير بطريقة أخرى.. فلا أحد منا سيحصل على شيء مهما فعل ومهما صرخ ومهما كان عبقريا، ما دمنا محبوسين في هذه الزجاجة، ونتصارع على التقاط أنفاسنا في هوائها المؤكسد!
    يجب أولا أن يبدأ كل منا في إضافة شيء، قبل أن يطالب بأخذ شيء.. إن أمامنا ملايين الكتب العلمية لنترجمها، وملايين الأفكار لنبتكرها ونأخذ فيها براءات اختراع، وملايين الأفدنة من الصحراء لنستصلحها ونبني فيها المدن الصناعية والمجمعات السكنية.
    وقبل أن نفعل كل هذا، فسيظل الحال يتدهور من سيء إلى أسوأ، لأن البئر تجف، والساقية تسفي الرمال، ونحن لا نبدو أكثر من طوفان من الجراد البشري مهمته أن يأتي على ما تبقى من الخضرة في هذا الوطن!
    فهل هناك من يريد أن يغير هذا، ويعدل الموازين المختلة، ويحول 85 مليون مستهلك إلى 85 مليون مترجم ومنتج ومبدع وعالم ومخترع؟
    هذا هو السؤال!
    شكرا لك مجددا على تفاعلك وغيرتك الحميدة، وأرجو الله أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.
    تحياتي

    ردحذف
  5. شكرا لك سيدي الفاضل على اعتنائك بالرد والنقد..
    مشاركتك تحتوي على سؤالين أساسييبن:
    1- كيف سنوحد المصطلحات المترجمة؟.. وهذا أجبت عنه هنا:
    http://uni-trans.blogspot.com/2010/01/blog-post_453.html
    2- ماذا سنفعل في مشكلة صعف الطالب في اللغة العربية؟.. وهذا أجبت عنه هنا:
    http://uni-trans.blogspot.com/2010/01/blog-post_1701.html
    شكرا لك مجددا، وتقبل تحياتي
    محمد حمدي

    ردحذف
  6. مرحبا أ. أحمد خليل:
    أشكرك على هذا التفاعل وهذه الاقتراحات، ورغبتك في إشراك اللغويين في ترجمة العلوم.
    وأنا أتفق مع على ضرورة زيادة جرعة ما يترجمه طلاب اللغات، فهذا تدريب أفضل لهم، وحصاد أكثر لنا.
    ولكني لا أتفق مع الطريقة التي اقترحتها بأن يشرح المتخصصون في العلوم المصطلحات للمترجمين وهم يقومون بالترجمة، فترجمة العلوم أمر لا يتعلق بالمصطلحات فحسب، بل بفهم المضمون والسياق، وحينما يترجم شخص نصا في مجال لا يفهمه، تصير الأمور معقدة جدا بالنسبة له، بسبب صعوبة الفهم وبطء الترجمة، ولأنه لا يستطيع تغيير أي كلمة عن موضعها خوفا من أن تؤدي إلى معلومة خاطئة بسبب عدم تمرسه.. وهناك أمثلة على هذا في الأسواق.. انظر مثلا ترجمات دار الفاروق لمراجع البرمجة.. حينما أقرأ النصوص العربية، أجدها جامدة ومعقدة، وأكاد لا أفهم شيئا، والسبب في هذا أن من يترجم ليس مبرمجا، وعليه أن يلتصق بالنص الأصلي كظله، حتى لا يكتب معلومات خاطئة.. بينما لو ترجم مبرمج نفس الكتاب، فلن يكون بحاجة إلى المحافظة على تعبيرات المؤلف الأصلي التي تنافي الذوق العربي وتجعل الأسلوب أطول وأصعب، وستكون لديه مرونة أكبر في الحذف والإضافة والتقديم والتأخير والإيضاح والتفسير، لأنه ببساطة يعرف ماذا يكتب.
    لهذا أؤيد أن يكون دور اللغويين من دارسي العربية والإنجليزية هو المراجعة وتدقيق النص المترجم.. أما الترجمة نفسها، فيجب أن يقوم بها متخصص علميا.

    أما بخصوص الخريجين من اللغويين وعدم وجود فرص ملائمة، فهذا حال الجميع.. والسبب في هذا أن نظام التعليم عندنا يأخذ ولا يعطي، وتنفق عليه الدولة مليارات الجنيهات سنويا من أجل أهداف نبيلة، وهي تعذيب الأسرة والطالب والمدرس، وإشاعة المراهقة والفاحشة، وتخريج أنصاف المتخصصين متدني الثقافة والذائقة، العاطلين عن العمل والزواج والأمل في الغد!
    وبينما يحمل ثلث الشعب المصري شهادات جامعية، يزداد سوق النشر انهيارا يوما عن يوم، فهذه الشهادات لم تعلم أحدا حب القراءة والمعرفة والتفكير والتساؤل، وبالتالي لماذا يطلب الناشر منك ترجمة شيء، أو يطلب مني تأليف شيء، ما دام لا أحد يقرأ أصلا؟!
    وينعكس كل هذا على جميع القطاعات.. حتى أساتذة الجامعة أضربوا لإجبار الحكومة على زيادة رواتبهم، لينضموا بهذا إلى الأطباء والصيادلة والزراعيين وموظفي الضرائب، وعمال الغزل والنسيج.... إلخ..
    لكن زيادة أجور أي من هؤلاء لن تحل مشاكلهم، فالحكومة ترفع الضرائب والأسعار لتدفع الزيادة في رواتبهم، فتقطع من هنا لترقع هناك!
    والسبب ببساطة أننا جميعا لا نضيف للوطن شيئا مقابل هذه الرواتب، ولا أحد يستفيد شيئا مما يتعلمه، ولا أي شيء نعمله يضيف إلى رصيدنا ورصيد أجيالنا القادمة!
    نحن في الحقيقة مجرد سماسرة ومقدمي خدمات، نعمل على استيراد وتوزيع علوم وثقافات ومنتجات الغير، ولا ننتج شيئا يذكر!
    حتى الأرض الزراعية التي هي آخر ما تبقى لنا، ندمرها ونجرفها ونبني عليها ونسممها بمياه الصرف، تاركين 96% من أرص مصر صحراء جرداء، لنتكدس في 4% ونظل نلعن الزحام والتلوث ومشكلة السكن!
    لهذا رجاء، دعنا نتوقف عن الصراخ والشكوى للحظة، ونبدأ في التفكير بطريقة أخرى.. فلا أحد منا سيحصل على شيء مهما فعل ومهما صرخ ومهما كان عبقريا، ما دمنا محبوسين في هذه الزجاجة، ونتصارع على التقاط أنفاسنا في هوائها المؤكسد!
    يجب أولا أن يبدأ كل منا في إضافة شيء، قبل أن يطالب بأخذ شيء.. إن أمامنا ملايين الكتب العلمية لنترجمها، وملايين الأفكار لنبتكرها ونأخذ فيها براءات اختراع، وملايين الأفدنة من الصحراء لنستصلحها ونبني فيها المدن الصناعية والمجمعات السكنية.
    وقبل أن نفعل كل هذا، فسيظل الحال يتدهور من سيء إلى أسوأ، لأن البئر تجف، والساقية تسفي الرمال، ونحن لا نبدو أكثر من طوفان من الجراد البشري مهمته أن يأتي على ما تبقى من الخضرة في هذا الوطن!
    فهل هناك من يريد أن يغير هذا، ويعدل الموازين المختلة، ويحول 85 مليون مستهلك إلى 85 مليون مترجم ومنتج ومبدع وعالم ومخترع؟
    هذا هو السؤال!
    شكرا لك مجددا على تفاعلك وغيرتك الحميدة، وأرجو الله أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.
    تحياتي

    ردحذف
  7. أنت تؤذن في ملطا‏

    إلى الأخ الكريم / محمد حمدي غانم

    بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و سلم ..ثم أما بعد
    أخي الكريم محمد– حفظك الله من كل مكروه-
    قرأت مقالتك الفذة - نحن نختنق في فقاعة – و ما يليها من تعليقات و أفكار عبقرية
    و اعلم أني ما كنت لأكتب هذه الرسالة إلا لما لمسته فيك من نزعة زكية فيها من طلب الحق و التجرد للحقيقة و الرغبة الصادقة الوفية في الصلاح و الاستصلاح بفيح نقي سجي شجي
    أولاً
    أخطأت حينما وجهت الناس في غرة مقالك إلى أن مشكلتنا الحالية هي زيادة أعدادنا أمام تقلص موارد الوطن علينا ،فبذلك قد وجهت الناس لواقع تحت أعينهم دائما و يلعنوننه ليل نهار – إلا ما رحم ربي –
    إنهم ينظرون لما في أيديهم من مادة و ينسون خالقها و مدبرها
    بينما قال المولي جل و على في كتابه
    وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56 ) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ( 57 ) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين - سورة الذاريات
    فالله جل و علا ما يريد من الناس أن يرزقوا أنفسهم و لا أن يرزقوا أحداً من خلقه فليست هذه مشكلتهم و ليست هذه بأيديهم بل إن كل ذلك بيد الله تبارك و تعالى الرزاق القهار الجبار فإنه الرزاق ذو القوة المتين .
    و كما أزلفت في مقالك من أدلة أن أرض الله واسعة و عند الله يبتغى الرزق إنما الضيق الحقيقي هو ضيق العقول و قلة الموارد هي قلة موارد الهدى و العلم و الدين و الإيمان التي تستفرغ من حولنا حتى نكاد نختنق و نموت
    أنت ترى الأدلة حولك و البراهين ساطعة كالشمس على أن مشكلتنا تنبع من أنفسنا لا من الأرض و لا السماء و لا حتى من الأعداء
    فماذا كانت حالة الأمة الألمانية بعد الحرب العالمية الأولى؟
    و ما هو حال اليابانيين بعد الحرب العالمية الثانية ؟
    لقد كانوا حطاما شراذم ممزقين كل ممزق فأرضهم محروقة و سماؤهم داخنة و بيوتهم متهدمة
    لم يبقى إلا إنسان صادق في نيته على البناء و الإصلاح
    و لو كان هدفه دنيويا محضا فقد أخذوا جزاءً في الدنيا و ما لهم في الآخرة من خلاق
    فأما الزبد فيذهب جفاءً و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض
    و العدل أساس الملك
    وهؤلاء التائهون و هذه المجتمعات الفاسدة التي بنت لنفسها ظاهراً من الحياة الدنيا و باطنها غاوٍ و فاسد و مخوخ حتى كثر الانتحار و تفشت الأوجاع و الدمار و الجرائم و التفسخ و الانحلال و عاثت في الأرض فسادا لمّا أتاها الله القوة من قتل الأبرياء و احتلال البلاد و تعذيب العباد
    و ما حقبة الاستعمار عنا ببعيد
    فبعد ما كان الفرد الأوربي في ظلمات الجهل و دركات الغباء و الاستعباد عاشوا عقودا في جهاد مرير- وهو الجهاد العلمي و هو الجهاد الأكبر في تاريخ أوربا بعد أن فشل السيف و انقهر و انهزم أمام عالم الحضارة الإسلامية العظيم بعد الحملات الصليبية الفاشلة ، ليبدأوا المرحلة العلمية و حملات و أجيال الاستشراق - ليترجموا تراثنا و ثقافتنا و يقيموا حضارتهم ثم قاموا و قطع بعضهم بعضا و استعملوا القوة في غير موضعها و رفعوا سيوفهم على رقاب بعض و عاثوا في الأرض فسادا لأنهم حصلوا مجرد مادة على دوافع قومية و أسس منهجية خاطئة
    انظر لمثال أعظم من كل هذا

    ردحذف
  8. تكملة:
    بداية حضارتنا الإسلامية الشماء التي بزغت في السماء و سادت الأرجاء قرونا طويلة من الزمان في رفعة و قوة و ازدهار لم ترى البشرية لها مثيل في أخلاقها و عدلها و عظمة حكمها
    لقد تحول العرب في ثمانين سنة بعد بعثة المصطفى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم من مجرد أشتاتٍ متشرذمين إلى قادة العالم فوق رؤوس فارس و الروم و أعظم قوى حكمت في الأرض قبل تلك القرون
    لقد سدنا العالم
    أقول لك
    لو أنك تنادي في الناس من أجل أن يحرصوا على دنياهم فهم أحرص مما تظن عليها و لن يكون أبدا هذا هو الدافع الذي يقوى على أن يحمل أمة من قاع الغريق إلى سطح النجاة
    فلن ترفع راية التغيير و لن يقوم بلوائها و حقها إلا رجالا حملوا غاية عظيمة رفيعة عالية بل و صدقوا ما عاهدوا الله عليه فيها
    قال جل و علا " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
    ألا وهي توحيد الله جل و علا الخالص و الكفر بكل هذه الطواغيت التي سلم لها الأغمار رؤوسهم و الأشياخ ذقونهم حتى عمت البلوى و طمت
    و صارت الخرافات دينا و الضلالات منهجا و سبيلا و تفرقت عليهم الطرق و تقطعت بهم السبل على أشلاء و فضلات زبالات أفكار العالم المناقضة لتوحيد الله تعالي و المحاربة لأمره و شرعه و المنازعه له جل و علا في تشريعه
    بين رجال دين قابعين في أبراج عاجية يرتدون رداء التصوف أو يقلبون ظهر المجن و الانحلال و التميع
    إلى رجال سياسية و عامة لا يعرفون عن الدين إلا قشوره
    إلى أفكار فساد تمشي بين المجتمعات المسلمة كالنار في الهشيم
    من شيوعية إلى ليبرالية إلى علمانية شرقية و غربية و قوانين وضعية فرنسية و إنجليزية و هلم جر
    و أحزاب أحزاب من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا ً
    كل هذا بما يناقض توحيد الله جل و علا
    إنها الغاية التي ساد بها الصحابة الدنيا و ربحوا بها الدنيا و الآخرة و أتتهم الدنيا و هي راغمة
    فأنبهك أخي إلى أن هذا الذي ذكرته على أنه هو المشكلة الرئيسية مجرد عرض سطحي كأعراض كثيرة من وطأة ذل التبعية و التمسخ التي تحاصرنا من كل جانب
    فوددت لو أنك صغت المقدمة بشيء آخر بما يناسب توجهاتك الصادقة و اعتقادك في الله العزيز العظيم
    ثم تأكد أنك لو ظللت تلوح و تنادي و تؤذن ألف عام حتى تتقطع أحبالك الصوتية و تتمزق من الهتاف بين هذه الآذان الموقورة و الأبصار الموتورة
    فلن تجمع حولك حتى ذبابا
    باختصار لأنك إذا أردت أن تحقق مرادا عاليا فلن يكون ذلك إلى بدافع صادق مخلص قوى شديد
    المسألة ليست مجرد دعوة و فزعة إنما هي ثقافة و عقيدة مترسخة في النفوس و الرؤوس متشعبة في الصدور و في الخلايا و في الدماء بالولاء و بالوفاء
    لن يصبر على طريق النهضة و لن يكابد متاعب الإصلاح إلى من وقعت عقيدته في نفسه أرسخ من نخاع عظامه و مخ مخ وجوده و كيانه
    إنه مشوار الإصلاح الذي سلكه قبلنا الأنبياء و العظماء فلتهتدي بهديهم و لتقتدي بأثرهم فبذلك تفلح و تنجح و لا يضيع سعيك هباءً
    فمن هم أعظم المصلحين في تاريخ البشر إنهم الأنبياء و أتباعهم ليس إلا !
    فلتجتهد الآن لتعرف ما هو منهج الأنبياء عليهم السلام في الإصلاح و اقتفي أثرهم
    و ابدأ من حيث بدؤوا فما من نبي بدأ بالإصلاح في قومه إلا بدأ بالتوحيد
    مصيبة المسلمين الكبرى – إلا ما رحم ربي - ليست فقط في فساد عملهم و إنما ذلك لم يحدث إلا تبعا لضعف و تشوه اعتقادهم
    فلقد قال أهل العلم قديما الاعتقاد قبل القول و العمل و على هذا بوب الإمام المجدد في كتابه التوحيد باباً مستقلا
    فيجب علينا أن نعتقد أولا و يكون لنا هدف من عملنا حتى نعرف لماذا نعمل ثم ماذا نعمل و ما هو العمل النافع و ما هو دون ذلك ثم بعد ذلك نستطيع أن نصبر على جهد العمل و كد التحصيل و جماع ذلك كله لا يكون إلا في حالة صدق المعتقد و خلوص نقائه
    و أيضا أستدرك عليك شيء أخير
    ألا هو تهوينك من شأن الاعتقاد و فوارقه مع الجانب العملي
    و هذا أشد ما في موضوعك للأسف
    بقولك ( أن سبب العنف الطائفي بين سني و شيعي و مسلم و نصراني ...إلخ هو قلة الموارد ولو انشغلنا بتحصيل المادة لم يكن هنالك عنفا طائفيا )

    ردحذف
  9. تكملة:
    أقول لك
    فما بال أوربا في بداية عصر مواردها و أوج قوتها دارت على بعضها بالتقتيل و التنكيل لتحدث أبشع مجازر و جرائم في تاريخ البشرية جمعاء
    و بلغت من حروبهم أعداد قتلى يساوي أضعاف أهل الأرض جميعا في وقت كان
    فإن شره تحصيل المادة لم يمنعهم من الفتن الطائفية و النعرات الجاهلية بينهم .و إنما يمنع ذلك تعظيم حرمات الله و الخلوص من اتباع الهوى و التعصب لله و التجرد للحق و الانقياد لأمر الله و تحقيق و إقامة دينه و توحيده جل و علا
    و اعلم يا أخي إن هذا الكون كله بيد الله يرزق من يشاء ما شاء و يمنع من شاء ما شاء بيده الأمر و هو العزيز الحميد
    يا أخي إن الله هو الرزاق الوهاب
    إنما ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون
    إن علمنا بظاهر المادة ليس بسبيل عز و لكن نحن نحتاج أن نعلم عن ما ورائها
    عن من كونَّها و كوّرها و سوّاها و خلقها و قدرها
    لنعلم لماذا خلقها و لماذا سخرها لنا و قبلها لماذا خلقنا نحن و ما دورنا و ما الهدف من وجودنا
    لو كان الله خلقنا لعمارة الأرض و إقامة المادة لما احتاج لمثل هذه البشر الضعيفة المتناحرة
    إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
    لنفهم حقيقة الدنيا حتى نستطيع أن نحصل ما أراد الله لنا من خير فيها
    لنخرج من تبعية الأمم و ذيولها إلى مقدمتها
    لنخرج من تبعية العباد إلى عبادة رب العباد
    لنخرج من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة
    افهم يا أخي هذا دائما
    تبدأ مشكلة أمتنا - إلا ما رحم ربي - و تنتهي عند محور الاعتقاد
    فلا حافز للعمل إلا العقيدة و المنهج
    الكل يتكلم عن تخلفنا
    الكل يعلم ضعفنا أمام أعدائنا
    الكل يتكلم عن إصلاح الصناعة و النهوض بالتجارة
    و لكن يظل الكلام كلاما و لن يعمل إلا من أخلص معتقده لله
    النبي صلى الله عليه و سلم قد بين سبب الوهن و الضعف الذي اعترانا
    و قال أن الوهن ، هو حب الدنيا و كراهية الموت
    سبب وهن المسلمين الآن ليس هو جهلهم بفوائد تحصيل مادة الدنيا
    بل على العكس هو تمكن حب الدنيا من قلوبهم و تحصيل مكاسبها السريعة إلا ما رحم ربي
    و من يجيد حقا هو من يرشد المسلمين إلى طريق الإصلاح الحقيقي الذي فيه عزهم و كرامتهم و توفيقهم للأسباب الصحيحة
    فإنه لم يذكر الحديد إلا بعد إنزال الكتاب
    و تأكد أنه لن يحصل أي إصلاح يذكر أو نهضة في أي قطاع في اقتصاديات المسلمين إلا بإصلاح اعتقادي شامل
    و رجوع الأمة للأمر الأول
    لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها
    و لا تظن أن مثابرة طريق النهضة و مكابدة متاعب الإصلاح تكون على أسس رغبات مادية و إنما في سبيل غاية عقائدية عظمى تريد الله جل و علا و اليوم الآخر حتى لو لم يكن هناك ثمار مادية في هذه الحياة الدنيا
    فإن أغلب مؤسسي حضارات الأمم لم يحصلوا نضج ثمارهم في حياتهم
    بالمناسبة أنا معك مئة بالمائة على أهمية نشاط الترجمة كسبب في النهوض بالمسلمين
    و لكن يجب أن يكون ذلك على أسس منهجية صحيحة حتى نعرف الصالح من الطالح و نصبر على طول الطريق
    و لي عودة بإذن الله لمقالة تبين دور الترجمة كسبب في نهضة الأمم
    و توكلنا و أمرنا نسلمه كله لله
    و الله المستعان و عليه التكلان
    Kind aboelhzm

    ردحذف