هذه المدونة مخصصة لمناقشة مشروع الترجمة الجامعية، المفصل في هذا الموضوع:

مشروع الترجمة الجامعية: فكرة عبقرية لردم الفجوة الحضارية

ومناقشة كل إيجابياته وسلبياته، ونشر الاقتراحات الجديدة والتعديلات المستحدثة عليه، ومتابعة آخر تطورات المشروع وردود الفعل حوله.. لهذا أرجو منكم التفاعل والمشاركة بحماس في نشر هذا المشروع والسعي إلى تحويله إلى حقيقة.. ويسعدني تلقي اقتراحاتكم على البريد: msvbnet@hotmail.com.. ولا تنسوا المشاركة في استطلاع الرأي الموجود أعلى الصفحة الرئيسية.


الجمعة، 22 يناير 2010

سؤال مكرر: هل تدعو إلى تعريب التعليم؟

س: هل مشروع الترجمة الجامعية دعوة إلى تعريب المناهج المدرّسة في الكليات العلمية في البلاد العربية؟


ج: رغم اتفاقي مع دعاة تعريب التعليم الجامعي في مسوغاتهم وأهدافهم، إلا أن هذه المشروع لا يهدف إلى تعريب التعليم، بل يهدف إلى تعريب العلم.. وشتان بينهما.

فتعريب العلم يعني ترجمة آلاف المراجع العلمية في مختلف المجالات ونقلها إلى العربية، لتكون متاحة لجميع القراء من مختلف الأعمار والتخصصات.

بينما تعريب التعليم الجامعي يهدف إلى تدريس العلوم للطلاب بالعربية، وسينحصر اهتمامه في ترجمة المواضيع المقررة على الطلاب فحسب.. وهذا لن يشيع العلم بين غير الجامعيين كما تفعل الترجمة والكتابة العلمية.. وأنا أتفق مع معارضي تعريب التعليم الجامعي في أنه لو تم الآن فسيضعف من قدرة خريجي الجامعة على متابعة التطور في العلوم، ناهيك أنه سيعجزنا عن ترجمة المراجع الأجنبية.. لكني أيضا أتفق مع أنصار التعريب في أن تدريس العلوم بلغة أجنبية للطلاب يضعف من قدرة غالبيتهم على الاستيعاب والفهم، ويجعلهم ينفرون من القراءة في العلم، بسبب بطء قراءتهم وفهمهم للإنجليزية، وسيكون الأفضل بالتأكيد لو أنهم وجدوا معظم المواد العلمية باللغة العربية لتكون قراءتهم للعلوم أسهل وأسرع وأكثر استيعابا.

وأنا أرى أن مشروع الترجمة الجامعية يوجد نوعا من المصالحة بين الفريقين: معارضي التعريب وأنصاره، فهو سيضع العلم باللغتين معا في متناول الطالب، وسيرفع مستواه علميا ولغويا، ويكسبه مهارة الكتابة التقنية، وسيوجد الكثير من المصادر العربية لمن أراد الاستزادة، حيث يستطيع كل طالب قراءة ما ترجمه زملاؤه، ومع التراكم ستوجد ثروة معرفية هائلة بالعربية للطلاب من الدفعات التالية، وبعد جيل أو اثنين يكون العلم قد توطن بالعربية، ويكون من حقنا أن نحلم ببحث علمي عربي وإضافات عربية للعلوم.. حينها يصير من الممكن تعريب التدريس الجامعي، واثقين أن عدد من احترفوا الترجمة العلمية من خريجي الجامعات من الأجيال السابقة صار ضخما بما يكفي لمواصلة عملية الترجمة من خارج الجامعات.

لكل هذا أرى أن مشروع الترجمة الجامعية هو الحلقة المفقودة التي كانت تنقصنا، والترس الناقص في منظومة التعليم، والقيمة الغائبة التي من أجلها أهدرنا مليارات الدولارات لتعليم كل الناس كل شيء دون عائد!

لكن المهم هو: متى نبدأ؟


ملاحظات هامة:

1-    المدارس الأجنبية ومدارس اللغات كارثة محققة تدمر هوية أبنائنا ولغتهم العربية، وتعجزنا عن الاستفادة مما تعلموه لأنهم أصلا يعجزون عن التواصل مع مجتمعهم بالعربية بعد هذا، ولا يجد معظمهم حلا إلا بالسفر إلى الخارج.. إن هذه المدارس مجرد بؤر للتغريب ومفارخ لسرقة العقول العربية إلى الخارج بعد كل ما أنفقناه عليهم، وأتمنى أن يتم إغلاقها اليوم قبل الغد!

2-    الكارثة هي أن مصر اتجهت إلى التوسع في مدارس اللغات مؤخرا تحت مسمى المدارس التجريبية، وتم تحويل عدد كبير من المدارس العادية في كل المحافظات إلى مدارس لغات (حدث هذا للمدرسة الابتدائية التي كنت أدرس فيها بالعربية في قريتي في طفولتي)، والخطة أن تتحول ثلث المدارس الحكومية إلى مدارس لغات، وهذه نكسة مفجعة للتعليم ما قبل الجامعي منذ أن قام سعد زغلول بتعريبه منذ قرن من الزمان!.. لا يعقل أن يعرب الرجل التعليم في ظل الاحتلال، ونغربه نحن بدون احتلال.. شيء لا يصدق!!.. هذا يبدو كأننا نحول طاقات المجتمع إلى تفريخ المزيد من العقول المهاجرة إلى أمريكا وأوروبا ليصنعوا لهم الاسلحة التي يستعبدوننا بها!!

3-    أنا أدعو الطلبة بطريقة غير رسمية، إلى تعريب المراجع العلمية التي يدرسونها في الجامعة.. هذا سيضمن لنا وجود مصادر عربية لزملائهم الضعاف في الإنجليزية، ولكل هواة القراءة العلمية من خارج الجامعات أو من تخصصات أخرى.. أنا مثلا لا أستطيع أن أقرأ مرجعا في الطب، لأنني لن أفهم شيئا فيه رغم إجادتي للإنجليزية.. لكن الأمر سيختلف بالتأكيد لو عربه لنا طلاب الطب.. وبهذا يكون العلم متاحا للجميع وليس حكرا على المتخصصين فيه.. وأنا أرى أن هذا الحل هو بمثابة إمساك للعصا من المنتصف، فالتعليم الجامعي سيظل رسميا بالإنجليزية، مما يضمن الحد الأدنى من التواصل مع التطورات العلمية، لكن الطلاب سيتناقلون الكتب المترجمة ويلجأون إليها طلبا للفهم.. أظن هذا يرضي معارضي التعريب وأنصاره.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق